المقالات
ارتفاع ضغط الدم: الطريقة الصحيحة لتشخيصه ومتى نلجأ للدواء؟
يُعدّ ارتفاع ضغط الدم، أو ما يعرف بالتوتر الشرياني، من أكثر الأمراض المزمنة شيوعاً في العالم. وقد أُطلق عليه لقب "القاتل الصامت" لأنه يتسلل إلى الجسم دون أعراض واضحة في كثير من الأحيان، بينما يُلحق ضرراً تدريجياً بالقلب والأوعية الدموية والكلى.
في هذا المقال، نسلّط الضوء على أسباب ارتفاع الضغط، أنواعه، طرق تشخيصه، ومتى يكون التدخل الدوائي ضرورياً.
ارتفاع الضغط الأساسي
ارتفاع الضغط الأساسي هو النوع الأكثر شيوعاً من ارتفاع ضغط الدم، يحدث دون سبب عضوي مباشر مثل أمراض الكلى أو اضطرابات الشرايين والغدد. يُشخّص هذا النوع عندما تبقى قراءات ضغط الدم مرتفعة بشكل مستمر لأسابيع، ومن المهم التفريق بين هذا الارتفاع المزمن في الضغط، وبين الارتفاع العابر أو المؤقت الناتج عن ظرف طارئ، والذي لا يُعدّ مؤشراً على مرض مزمن مثل التوتر النفسي، الصداع النصفي (الشقيقة)، الدوار، آلام الأسنان، أو حتى الرعاف وارتفاع الحرارة..
ما هي أرقام الضغط الطبيعية؟
يُعتبر ضغط الدم مثالياً إذا كانت قراءاته 120/80 ملم زئبقي أو أقل. أما إذا ارتفعت القراءة إلى 140/90، فإن ذلك يشير إلى حدّ الضغط الطبيعي الأعلى، ويُفضّل في هذه الحالة العمل على خفضه أولاً بالوسائط الفيزيائية.
متى نلجأ إلى الدواء؟
ليس من الضروري البدء بالعلاج الدوائي عند اكتشاف ارتفاع ضغط الدم، بل يمكن في كثير من الحالات منح الجسم فرصة لاستعادة توازنه من خلال تغييرات في نمط الحياة. وينصح الأطباء عادة بالانتظار عدة أشهر مع مراقبة الضغط بانتظام، خاصة إذا كانت أرقام الضغط مرتفعة قليلاً وفحوصات القلب والكلى والشوارد والسكر والدهون وتخطيط القلب ضمن المعدلات الطبيعية.
وتشمل التعديلات السلوكية الضرورية:
- تقليل تناول الملح
- الامتناع عن المنبهات والكحول
- ممارسة رياضة المشي يومياً
- فقدان الوزن الزائد
- معالجة التوتر النفسي والعصبي
كيف يتم تشخيص ارتفاع ضغط الدم بدقة؟
تشخيص الضغط المرتفع قد يكون أكثر تعقيداً من علاجه، خصوصاً إذا كانت قراءات الضغط متذبذبة (تارة مرتفعة، وأخرى منخفضة)، وهناك وسيلتان لمراقبة الضغط خارج العيادة:
- هولتر الضغط: جهاز يُرتدى لمدة 24 ساعة في المنزل، يقيس الضغط كل 15 دقيقة دون تدخل من المريض. يساهم في عزل تأثير التوتر المرتبط بزيارة العيادة ويعطي صورة دقيقة عن معدلات الضغط اليومية وذلك أثناء فترات الراحة والعمل والنوم.
- أجهزة قياس الضغط المنزلية (الديجيتال): تُعد الوسيلة الأكثر شيوعًا، سواء كانت معصمية أو ساعدية، شرط أن تكون مناسبة لحجم الذراع وأن تُستخدم بطريقة صحيحة.
نصائح عند قياس الضغط في المنزل:
- الجلوس بهدوء لمدة 10 دقائق قبل القياس، وجعل الساعد مسترخياً على منضدة بمستوى القلب.
- تكرار القياس مرتين أو ثلاثاً بفاصل خمس دقائق، والاحتفاظ بآخر قراءة.
- ينصح بعدم قياس الضغط عند الشعور بالصداع أو الحمى أو التوتر أو بعد تناول المنبهات أو وجبة دسمة.
- تجنّب قياس الضغط بعد شرب القهوة أو الكحول، أو بعد تناول كميات كبيرة من الملح.
ختاماً:
ارتفاع ضغط الدم ليس حكماً نهائياً باحتمال إصابتنا باختلاطات مزمنة إذا تم اكتشافه مبكراً والتعامل معه بوعي ومسؤولية. وبالتالي فإن تبنّي أسلوب حياة صحي، والمتابعة الدورية للضغط، واتّباع إرشادات الأطباء بدقة، كلها خطوات كفيلة بالحفاظ على القلب والكلية والأوعية الدموية في أمان.
ولنتذكّر أن الوقاية دائماً تبدأ من الوعي، وأن الصحة أثمن من أن تُترك للصدفة، كما أن الاستثمار في الصحة أفضل من الصرف على علاج المرضى.
الدكتور حسان رسلان
استشاري أمراض القلب والقثطرة القلبية
